كل مراقب للأحداث ومجرياتها وكل متابع للأخبار وتوابعها يرى ظلام يملأ النفق دون أن يرى أدنى نور في نهايته، وهذا بلا شك نتيجة طبيعية، فلا نور دون مصدر له، ولا زوال للظلمة دون لعنها، فمن قال: بدل أن تلعن الظلام اشعل شمعة، نقول له: نشعل الشمعة ونلعن الظلمة وكما قال تعالى: ((فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها …))البقرة-156.
فحال أهل السُنّة كان ومازال لا يسر الصديق ويُشمت العدو، فهم يتخبطون في تصرفاتهم ويكررون أخطاءهم مرة بعد مرة، دون أن سألوا أنفسهم إلا متى سيستمر هذا التخبط؟ ومتى ينتهي هذا العبث؟
الحياة مدرسة
منذ الصغر ونحن نسمع هذه الكلمة وصرنا نرددها في الكبر، ولكن السؤال الأهم ماذا تعلمنا من تجارب هذه المدرسة؟ ولماذا يدور الزمن دورته علينا؟ وتعاود تجاربه الكرة تلو الكرة؟
دون أي حصيلة أو نتيجة من هذه التجارب!
لقد آن لأهل السنة أن يفهموا أنهم يعيشون في تجارب الماضي التي عفى عليها الزمن وأن عليهم مغادرتها فقد صاروا شيوخاً بعقول الأطفال وأن التجارب لم تزدهم إلا وبالاً وخبالاً، وإلا كيف لطفل اكتوى بالنار أن يمد يده إليها مراراً وتكراراً دون أن يرعوي مما حدث له في مرات ومرات سابقة وحالية وتالية..
إن لم تعرف ما ينفعك
فانظر لما يضر عدوك فكل مايضره هو نفع لكل – ولا ريب – وهذا أقل ما على المرء معرفته.
منذ سنين خلت وأهل السنة في كل مرة يدخلون مع الأطراف الشيعة بمواثيق وعهود فيأخذ الشيعة ما يفيدهم طبقاً لهذه الاتفاقات ثم لا ينتفع منها أهل السنة إلا على قدر لعاعة من الدنيا، ثم يبدأون بالشكوى من الشيعة وأنهم لم يحترموا الاتفاقات ولم يلتزموا بالعهود!
ونحن نقول متى وفّى الشيعة في الماضي ليوفوا حاضراً أو مستقبلاً؟
هي حلقات ضمن مسلسل يعرف الشيعة في أدوارهم ويتقنوها وفق قاعدة: تعدد أدوار ووحدة هدف ضمن المشروع والمسار- الذي اختطته لهم أمهم إيران – والذي يسيرون عليه دون تجاوزه بعيداً، وفي المقابل فأهل السنة لا مشروع ولا مسار ولا بوصلة بل هم كالتائه في ليلة حالكة الظلمة يمشي مع التائهين.
المشروع السُنّي لماذا؟
وأنا أراقب ما يجري وأحلل الأحداث أتيقن مرة بعد مرة أن لا خلاص إلا بالمشروع السني، وهذا جوابي لكل من يسألني في خضم الأحداث ماذا نفعل؟ وكيف الخلاص؟ وأين نذهب؟
فأجيب بكل بساطة: اعملوا في مشروع سُنّي بهوية وأهداف واضحة ضمن خطة مرسومة لا لبس فيها ولا خداع فهذا زمن المشاريع الواضحة وهذا زمن التمايز بالهويات، ألا ترون إلى إيران والشيعة كيف يصرحون بالعلن بمشروعهم وهويتهم دون أدنى تردد؟!
فلماذا لا ترفعوا السُنّية شعاراً وهويةً ومشروعاً؟ كي تتساوى طرفا المعادلة ولا تبقى مختلة، ويستقيم الميزان فلا تطغى كفة على أخرى، ولكي تتوحد الجهود وتقع الثمار في سلة واحدة نسجها أبناءها ابناء المشروع السُنّي.
فالواجب على كل سُنّي أن يبذل ما في وسعه فيما يُحسنُه ليكون لبنة ضمن هذا البناء السُنّي وكما قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: ((اعملوا، فكل ميسر لما خلق له)) رواه البخاري ومسلم.
الأستاذ حسنين عبدالله الأموي